في عالمٍ يتسارع فيه التغير، وتزداد فيه تعقيدات الأعمال، برزت حوكمة الشركات في النظام السعودي كمنارةٍ تُضيء دروب الشركات نحو النجاح والاستدامة،
حيث تُمثّل حوكمة الشركات في النظام السعودي رحلةً استثنائيةً نحو قمم المجد، رحلةٌ تُساهم في تحقيق رؤية 2030 الطموحة، وتُرسّخ مكانة المملكة كمركزٍ إقليميٍ وعالميٍ رائدٍ في مجال الأعمال.
ما المقصود بمصطلح حوكمة الشركات في النظام السعودي:
يمثل هذا المصطلح مجموعة من القوانين و القواعد التي يتم من خلالها إدارة الشركة و مراقبتها و تنظيمها بهدف تحقيق الإنضباط المؤسسي في إدارة الشركة،
أي أنها الطريقة التي يتبعها المديرين في إدارة الشركة و يتم على أساسها إتخاذ القرارات خاصةً تلك التي يكون لها تـأثير كبير على المساهمين في المؤسسة.
أهمية حوكمة الشركات في النظام السعودي:
تحسين الاقتصاد:
من أهم أهداف حوكمة الشركات تحسين كفاءة الاقتصاد و رفع مستواه، و ذلك عن طريق المساعدة في استقرار السوق المالية، و جذب المزيد من المستثمرين من داخل و خارج المملكة حيث تعتمد الحوكمة على مبدأ حماية المساهمين و أصحاب المصلحة في المؤسسة ، مما يساهم في الوصول للأسواق المالية العالمية و تحقيق الإنفتاح.
رفع مستوى الشركات:
تساعد قواعد حوكمة الشركات في جعل القيمة الاقتصادية للشركة أكبر و ذلك عن طريق خلق بيئة عمل سليمة تساهم في جعل الأداء أفضل بكثير، مما يساهم في وصول الشركة لأسواق المال و الحصول على التمويلات اللازمة بتكلفة أقل، مما يساعدها على بناء الثقة مع أصحاب المصالح، تقليل المخاطر و توسيع النشاط.
المستثمرون:
كثيراً ما يخشى المستثمرين من الخسارة بسبب سوء استخدام السلطة الإدارية بالشركة في غير مصلحتهم، و هو ما تهدف حوكمة الشركات للحماية منه بشكل أساسي، فحوكمة الشركة تعمل على تفعيل دور المساهمين في إتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالشركة و البقاء على معرفة بكل ما يتعلق باستثماراتهم، مما يساهم في تعظيم عوائد الاستثمار و حقوق المستثمرين.
أهم أهداف حوكمة الشركات في النظام السعودي:
- إدارة الشركات و التحكم بها عبر نظام مُتقن يساعد في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة بشكل سليم، بالإضافة لتوفير القيادات التنفيذية المناسبة.
- تحديد مسؤوليات و اختصاصات مجلس الإدارة و الإدارة التنفيذية، بالإضافة لتحديد مسؤوليات كل عامل في المنظمة.
- إنشاء بيئة عمل إنتاجية و مستقرة و قادرة على حماية ممتلكات و أموال المستثمرين و المساهمين.
- تفعيل دور المساهمين و حماية حقوقهم في الشركة، علاوةً على جذب المزيد من المستثمرين والمقرضين و هيئات التمويل الحكومية.
- مساعدة الشركة في مواجهة الاتهامات الموجهة لها بالتقصير مما يؤدي إلى التقليل من مخاطر عدم الامتثال للالتزامات التنظيمية و القانونية.
مبادئ حوكمة الشركات في النظام السعودي:
المسؤولية:
جميع الأطراف المعنية في الشركة يجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالها بما في ذلك المساهمين،مجلس الإدارة و المديرين التنفيذيين.
العدالة في المعاملة :
سواء كان الشخص من المستثمرين، المساهمين، الموظفين أو العملاء، فلابد من تحقيق العدالة في المعاملة بينهم جميعاً.
الالتزام بالقوانين:
جميع البنود القانونية التي يتم الإتفاق عليها يجب الالتزام بها تجاه أصحاب المصلحة و المساهمين في الشركة.
المساءلة القانونية:
جميع الأطراف سواء في المساءلة القانونية بما في ذلك المساهمين، المديرين التنفيذين و مجلس الإدارة.
الشفافية التامة:
ضمان حصول جميع الأطراف على حقوقهم بشكل كامل، بالإضافة لتوفير كافة المعلومات من قرارت و سياسات لجميع الأطراف المعنية.
الرقابة بشكل مستمر:
الرقابة المستمرة على كل أقسام الشركة بدون أي استثناء
تقييم حوكمة الشركة لمعرفة إذا كانت الشركة تطبقها أم لا:
يجب مراجعة بعض البنود في شركتك لمعرفة ما إذا كانت الشركة تطبق نظام الحوكمة بشكل دقيق أم لا و منها:
- طريقة التصرف في مواقف تضارب المصالح
- أعضاء مجلس الإدارة
- إدارة المخاطر و طرق التعامل مع المشكلات
- ممارسة الإفصاح
- الالتزامات الاجتماعية و التعاقدية
- طريقة القيام بعمليات المراجعة و التدقيق الداخلية و الخارجية
العقود و اللوائح اللازمة:
لتطبيق الحوكمة بالشركة بشكل دقيق يوجد مجموعة من اللوائح و الأنظمة التي يجب الالتزام بها في تأسيس و إدارة الشركات:
عقد التأسيس:
عقد التأسيس هو الخطوة الأولى لإقامة أي شركة في المملكة، فهو الوثيقة التي تحدد النظام الأساسي و إطار العمل للشركة، و يجب أن يشتمل هذا العقد على مجموعة من البيانات منها:
المقدمة:
و هي تشتمل على مجموعة من البيانات منها التاريخ، تفاصيل المؤسسين مثل: الاسم، الجنسية، رقم الهوية و العنوان.
اسم الشركة:
يوجد مجموعة من الإرشادات الخاصة باختيار اسم الشركة و منها عدم اختيار اسم مقرر أو مستخدم لشركة أخرى.
غرض الشركة:
يجب تحديد مجال عمل الشركة و جميع الأنشطة التجارية التي ستقوم بممارستها و بالطبع يجب التأكد من كون تلك الأنشطة لا تتعارض مع الأنظمة و القوانين الخاصة بالمملكة.
رأس مال الشركة:
يجب وضع الحد الأدنى لرأس مال الشركة في العقد مع توزيع رأس المال بين الشركاء.
إدارة الشركة:
يشتمل عقد التأسيس على طريقة تعيين المدراء للشركة و حقوق التصويت و إجراءات إتخاذ القرارات.
مدة الشركة:
يتم تحديد المدة الزمنية التي ستعمل فيها الشركة مع تحديد إمكانية التجديد.
لائحة حوكمة الشركات:
تهدف لائحة حوكمة الشركات لعدة أمور منها:
- تحديد إطار عام يوضح كيفية التعامل مع أصحاب المصالح و الحفاظ على حقوقهم.
- جعل دور المساهمين في الشركة فعّال أكثر و تسهيل ممارسة حقوقهم.
- توضيح كامل لاختصاصات مجلس الإدارة و الإدارة التنفيذية و مسؤولياتهما.
- تطوير كفاءة اللجان و تفعيل دور مجلس الإدارة لتحسين آليات إتخاذ القرارات في الشركة.
- وضع طرق صحيحة و فعّالة للرقابة و مساءلة العاملين بالشركة.
- تحقيق أعلى درجات العدالة و النزاهة و الشفافية في السوق المالية و بيئة العمل.
لائحة عمل لجنة المخاطر و التي من مهامها:
- التحقق من مواصلة الشركة نشاطها بشكل دوري و ناجح ، مع تحديد ما يواجهها من مخاطر سنوياً.
- وضع سياسة محددة لإدارة المخاطر و ذلك بالتعاون مه الإدارة التنفيذية للشركة لتحديد السياسة المناسبة لمجالات الشركة و الأعمال التي تزاولها.
- عمل تقييمات مستمرة و فعّالة لأليات و نظم تحديد و قياس المخاطر التي قد تتعرض لها الشركة.
- وضع مستوى مقبول للمخاطر و التوصية لمجلس الإدارة من بشأن هذا، و التأكد بشكل مستمر من عدم تجاوز هذا المستوى.
- إعداد التقارير الدورية حول التعرض للمخاطر، و تحديد خطوات واضحة لإدارتها و يتم رفع تلك التقارير لمجلس الإدارة.
- التأكد من وجود جميع الأنظمة و الموارد الكافية لإدارة المخاطر.
- التأكد من استقلال موظفي إدارة المخاطر عن الوظائف التي قد ينتج عنها تعرض للمخاطر.
لائحة عمل لجنة المراجعة و التي من مهامها:
المراجعة الداخلية:
- إدارة المراجعة الداخلية في الشركة مع القيام بالإشراف و الرقابة على أداء المراجع الداخلي و التأكد من توافر كل الموارد اللازمة لأداء الأعمال و المهام.
- إدارة المخاطر بالشركة و مراجعة نظم الرقابة المالية و الداخلية بها.
- دراسة التقارير المتعلقة بالمراجعات الداخلية و التأكد من تنفيذ الإجراءات التصحيحية للملحوظات المذكورة فيها.
- مراجعة نطاق عمل مراجعي الحسابات و شروط التعاقد معهم، و التوصية لمجلس الإدارة بترشيحهم و عزلهم و تقييم عملهم و تحديد أتعابهم.
- مراجعة مستمرة لأعمال مراجع أعمال الشركة و خطته، و التأكد من عدم تقديمه أعمالاً إدارية أو فنية أو استشارية تخرج عن نطاق أعمال المراجعة.
- التأكد بشكل مستمر من استقلال مراجع الحسابات و عدالته و موضوعيته، و الإجابة على جميع استفسارته.
التقارير المالية:
دراسة القوائم المالية السنوية و الأولية للشركة قبل أن يتم عرضها على رؤساء مجلس الإدارة و ذلك لضمان عدالتها و شفافيتها و نزاهتها، بالإضافة لدراسة أي مسائل غير مألوفة تتضمنها التقارير المالية.
إبداء الرأي فيما إن كانت القوائم المالية للشركة مفهومة، و متوازنة و عادلة و تضمن المعلومات التي تسمح للمستثمرين و المساهمين في تقييم المركز المالي للشركة.
البحث في أي مسائل تخص مراجع الحسابات، مسؤول الالتزام في الشركة و مدير الشركة.
ضمان الالتزام:
التأكد من التزام الشركة باللوائح و السياسات و الأنظمة و التعليمات ذات العلاقة.
مراجعة التقارير الرقابية و التأكد أن الشركة أتخذت الإجراءات اللازمة بشأنها.
إبلاغ مجلس الإدارة بالمسائل التي ترى ضرورة إتخاذ إجراءات بشأنها، و التوصية بالإجراءات التي يتعين اتخاذها.
ختاماً، تُعدّ حوكمة الشركات في المملكة العربية السعودية ركيزة أساسية لضمان استدامة وازدهار الشركات وتعزيز ثقة المستثمرين.
وتُساهم جهود الجهات الحكومية، ممثلةً في هيئة السوق المالية، في نشر الوعي بأهمية تطبيق مبادئ حوكمة الشركات، وتُشجع الشركات على تبني أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
ولعبت مكاتب المحاماة، مثل مكتب المحامي فؤاد بنجابي، دورًا هامًا في تقديم الاستشارات القانونية المتخصصة في مجال حوكمة الشركات، ومساعدة الشركات على الامتثال لأنظمة وقواعد الحوكمة.
المراجع:
لائحة حوكمة الشركات هيئة السوق المالية