مصادر التنظيم التجاري بالمملكة العربية السعودية.
المحامي/ فؤاد بن أحمد بنجابي
لقد وجد القانون لينظم المعاملات بين الأفراد في المجتمع، ولخصوصية قطاع التجارة والتجار فقد احتاجوا إلى تنظيم خاص بهم؛ ليتناسب مع طبيعة القطاع.
وقد وضعت أحكام الشريعة الإسلامية القواعد العامة في المعاملات، ومنها المعاملات التجارية، وجاءت حكومة المملكة العربية السعودية -حفظها الله- بالأنظمة والقوانين التي تنظم المعاملات التجارية بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، كما أنه توجد الأعراف والعادات التي سار بها التجار قبل التنظيمات الحديثة، وكذلك لا ننسى أن للقضاء التجاري السلطة في تفسير المصادر السابقة.
وبناء على ذلك، يمكننا القول بأن مصادر التنظيم التجاري في المملكة العربية السعودية أربعة على الترتيب التالي:
- لأنظمة والقوانين التجارية.
- الشريعة الإسلامية (النظام العام).
- الأعراف والعادات التجارية.
- القضاء والفقه التجاري.
أولاً الأنظمة والقوانين التجارية:
تعد الأنظمة والقوانين التجارية المصدر الرئيس للتنظيم التجاري السعودي؛ وعليها يعول الفصل بين النزاعات التجارية أمام القضاء التجاري، ولا يلجأ إلى المصادر الأخرى إلا إذا لم يوجد نص بالأنظمة التجارية يفصل في النزاع، وقد بني التنظيم التجاري بالمملكة من مجموعة من الأنظمة والقوانين الرصينة، وعلى رأسها النظام التجاري ( نظام المحكمة التجارية) الصادر في تاريخ 1/1/1350هـ وتعديلاته وكذلك الأنظمة المتعلقة به، مثل:
- المحاكم التجارية الجديد الصادر في تاريخ 15/08/1441هـ
- نظام الوكالات التجارية الصادر في تاريخ 1/1/1382هـ
- نظام الاستثمار الأجنبي الصادر في تاريخ 5/1/1421هـ
- نظام البيانات التجارية الصادر في تاريخ 1/1/1423هـ
- نظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية الصادر في تاريخ 29/4/1444هـ
- نظام الشركات الصادر في تاريخ 1/12/1443هـ
- تنظيم وزارة الاستثمار الصادر في 13/10/1442هـ
- نظام الغرف التجارية الصادر في 22/4/1442هـ
- نظام الرهن التجاري الصادر في 8/8/1439هـ
- نظام التجارة الإلكترونية الصادر في 7/11/1440هـ
- تنظيم المركز السعودي للتحكيم التجاري الصادر في 25/8/1440هـ والعديد من الأنظمة الأخرى التي بمجموعها يتشكل بناء التنظيم التجاري بالمملكة العربية السعودية.
ثانيا الشريعة الإسلامية (النظام العام):
إن الشريعة الإسلامية هي الشريعة العامة بالمملكة العربية السعودية، وهي التي تنظم الروابط القانونية على اختلاف أوصافها، وتخضع لها جميع الأنظمة والقوانين، في المملكة العربية السعودية كما نصت على ذلك المادة (السابعة) من النظام الأساسي للحكم الصادر في تاريخ27/8/1412هـ ونصها:”يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة.”؛ وبالتالي لا يتصور أن تتعارض الأنظمة والقوانين التي تصدرها المملكة العربية السعودية مع أحكام الشريعة الإسلامية ، إنما جعلت أحكام الشريعة الإسلامية مصدرا ثانيا في عدم وجود النص النظامي كون الشريعة الإسلامية هي النظام العام، وأن الأنظمة والقوانين التجارية هي النظام الخاص، والقاعدة الأصولية تقول:” الخاص يقدم على العام”، وعلى افتراض حدوث تعارض بين النص النظامي والنص الشرعي؛ فإننا نلجأ إلى التفسير القضائي والفقهي للنص، وهو المصدر الرابع من مصادر التنظيم التجاري بالمملكة العربية السعودية.
ثالثا الأعراف والعادات التجارية:
يقصد بالعرف في القانون (مجموعة القواعد غير المكتوبة التي تنشأ من اطراد سلوك الأفراد في مسألة معينة على وجه معين مع اعتقادهم في إلزامها وضرورة احترامها)؛ وعليه فإن العرف التجاري لا يعدو أن يكون قواعد اتخذها التجار فيما بينهم والتزموا بها وشعروا بأهميتها، مع ذلك فإن العرف التجاري من الأهمية بمكان؛ فإن أغلب قواعد التنظيم التجاري كانت في السابق أعرافا وعادات تجارية درج عليها التجار قبل أن تصبح نصوصا مكتوبة، ولا يزال للعرف التجاري دور مهم في تكوين وتطوير وبناء التنظيم التجاري.
والعرف قد يكون خاصا بمكان معين أو بفئة معينة أو بتجارة معينة، وقد يكون عاما وسائدا في الدولة، كما قد يكون العرف التجاري دوليا كما هو الحال في المسائل البحرية.
والعرف التجاري يختلف عن العادات التجارية؛ حيث أن العرف يعد في حكم النظام، وهو مفترض وإن لم يكتب، والقاعدة تقول: “المعروف عرفا كالمشروط شرطا”، أما العادات فهي أقل درجة من العرف من ناحية الالتزام بها، والقاعدة في ذلك: ” العادة محكمة” وقد لا تكون ملزمة إذا لم ينص عليها في الاتفاق أو وجد ما يوضح أن نية المتعاقدين بخلافها؛ كما أنه لا يجوز للعادة أن تخالف عرفا تجاريا سائدا خاصا كان أم عاما.
رابعا القضاء والفقه:
بخلاف المصادر السابقة، يعد القضاء والفقه مصدرا تفسيريا يستعين بها القاضي على استخلاص وتقصي مفهوم القواعد من المصادر السابقة؛ فالقاضي بذلك يقوم بسد النقص التنظيمي عن طريق تفسير النصوص والتوفيق بينها، والكشف عن توجه المنظم الذي سلكه؛ مما يمكنه من الحكم في المسائل التي لم يحكم فيها المنظم.
المراجع:
الجبر، محمد (2021) القانون التجاري السعودي. (ط6) . جدة: شركة المعرفة.
موقعةهيئة الخبراء بمجلس الوزراء https://www.boe.gov.sa